egypt أهلاً بك في جامعة عين شمس

الأستاذ الدكتور حامد عمار

16677 2021-03-11
   
     

الأستاذ الدكتور حامد عمار شيخ التربويين المصريين، من الرموز المصرية التي تؤنسنا بحضورها الصامت العازف عن الأضواء رغم أهميتها، ومن الشخصيات الفاعلة في تاريخ التعليم المصري .

وقد نشر الدكتور حامد عمار سيرته الذاتية في كتابه "خطى اجتزناها.. بين الفقر والمصادفة إلى حرم الجامعة" التي اعتبرها "رحلة طويلة مذهلة.. من مجتمع الزراعة البدائي واقتصاد الكفاف والاكتفاء بموارده الذاتية إنتاجا واستهلاكا إلى مرحلة آفاق مجتمع العولمة وعصر المعلوماتية."

أطلق عليه لقب شيخ التربويين فى مصر والعالم العربى بسبب رصيده العلمي الكبير وإسهاماته في بناء عقل المجتمع، اكتسب مكانته بسبب رؤيته الخاصة وعينه النافذة، مزجت دراسته بين دوائر الإجتماع والتاريخ والتربية، وانحاز فى رحلته إلى هموم الوطن والمواطن البسيط حيث تبنى الدعوة للتعليم للجميع.

الأستاذ الدكتور حامد عمار هو أحد القادة الأكاديميين وأحد المتخصصين فى التربية فى الوطن العربي، فهو الخبير الدولي الرائد في التنمية البشرية.

رصد د. عمار القيم السلبية التي ينبغي أن نتخلص منها فورًا ليتحسن حال تعليمنا، كما طالب بتحديد القيم الايجابية التي ينبغي أن نركز عليها ونسعى لتنميتها، وربط الدكتور عمار التعليم بكل سلوكيات حياتنا بداية من المأكل وحتى نظام المرور فكل مشكلاتنا مترتبة على عدم وجود نظام تعليمي فعال يسهم فى بناء إنسان مصري متحضر يعتمد العقل في حل مشكلته ولا يعتد بالخرافة.

   
     

ويرى الدكتور عمار أن التعليم القوي يعني ثقافة قوية تسهم في الحضارة العالمية وتوفي قيمتها ومتطلباتها ويعني تنمية اقتصادية وبشرية تنشلنا من هوة التخلف.

قد تكون نشأة الأستاذ الدكتور حامد عمار في قرية "سلوا" في أسوان، في اهتمامه بالعملية التعليمية والتربوية إلى هذا الحد، ارتباطه بقريته جعله يحاول أن يتعمق في أوضاع هذه القرية سعيًا لتقليل المشاكل التي تعانيها قدر استطاعته حيث قام بتسجيل رسالة الماجستير عن قريته بعنوان "بحث في عدم تكافؤ الفرص التعليمية في مصر"، تبعها برسالة الدكتوارة تحت عنوان "التنشئة الاجتماعية في قرية مصرية -سلوا- مديرية أسوان" والتي حصل عليها من جامعة لندن عام 1952.

تعد رسالة الدكتور عمار أول رسالة دكتوراة تنشر لمصري في مجال اجتماعيات التربية عن إحدى دور النشر الأمريكية الكبرى، واستمر الطلب عليها منذ عام 1954 حتى 2003.

التعليم مسؤولية الدولة في المقام الأول

يقول عمار إن رسالته تعد أول رسالة دكتوراة لمبعوث مصري إلى الجامعات البريطانية يتم نشرها من ضمن رسائل التربية.

للدكتور عمار العديد من الآراء المتعلقة بإصلاح التعليم ومن بينها أن التعليم مسؤولية الدولة في المقام الأول ويجب أن يظل دائمًا قطاعًا سياديًا كالقوات المسلحة والشرطة والسياسة الخارجية.

واعتبر أيضًا أن ضرب التلاميذ في المدارس أصبح من المحرمات تربوياً وإنسانياً، ولا يجوز ممارستها منذ أكثر من قرن من الزمان.

وأضاف أن ما نعرفه في التربية المقارنة أن الدول المتقدمة في كتبها كانت تحذر من اللجوء إلى أية وسيلة عقوبة جسدية للطالب، واعتبارها من بين عوامل التخلف فى مستويات المعيشة والحياة فى تلك الدول، بل وأنه أرجع حدوث بعض المشكلات المتعلقة بتعدي الطلاب اللفظي والجسدي على معلميهم إلى تعرضهم للضرب، إضافة إلى عدم تقبل الحصول على المعلومة من المعلم واللجوء للدروس الخصوصية، وأضاف أن ضرب التلاميذ قد يكون له أثر مستديم فى حياتهم المدرسية والعملية وفى نموه كمواطن، وظهور مشكلة أولاد الشوارع.

استشراف مستقبل التربية ومعالجة مشكلاتها

   
     

إن استشراف مستقبل التربية ومعالجة مشكلاتها كان هاجسًا في فكر شيخ التربويين ولعل أبرز ما يُميز أعماله استشرافها لهذا المستقبل ومعالجة مشكلاتها وتميزها بانفتاحها على التجارب العربية والعالمية وتفاعلها معها وهي فوق ذلك تشير إلى أن الدكتور عمار قارئ مطلع اطلاعًا واسعًا وهو قد تجاوز النظرة النقدية إلى اقتراح رؤى لتجديد التربية العربية وتطوير قيمها ومناهجها ومختلف أبعادها.

ويحسب للدكتور حامد تناوله مفاهيم علم الاجتماع، والمنهج العلمي في دراسته للمجتمع، وبناء الإنسان العربي، والتوظيف القومي للفكر الإجتماعى، والتنمية البشرية في وطننا العربي، وتطوير القيم التربوية، إضافة إلى البحث في قضايا الأزمة التربوية، وهموم التربية والثقافة، وقيادة الفكر التربوي المصري، ومعالجة المشكلات التربوية، والتوظيف الإجتماعى للتعليم، والتجديد التربوي للثقافة، إلى جانب الرؤى المستقبلية للتعليم في عالمنا العربي، وتعليم المستقبل، ومواجهة العـولمة في التربية والثقافة والقومية العربية في إطارها التاريخي ومطالبها التربوية، علاوة على دور التربية في الوحدة العربية والتكامل الإجتماعى بين الحلول الجزئية والحل القومي، وتكامل المعرفة وتنمية رأس المال البشرى، وإدماج المرأة في التربية.

كما بحث الدكتور حامد في إستراتيجية تطوير أوضاع المرأة في المجتمع العربي، والإستراتيجية العربية للتنمية الاجتماعية الشاملة، والإطار المجتمعي لأوضاع السكان في فلسطين، واستراتيجية الطفولة والأمومة في مصر.

التربية الفنية مجانية التعليم

واهتم شيخ التربويين بالتربية الفنية حيث أن الفنون تعد معلمًا رئيسيًا من معالم الشخصية المصرية وإبداعاتها كما تناول قضية "مجانية التعليم " في عدة سلاسل من المقالات، فعلى المستوى الشخصي يذكر اضطراره إلى تقديم شهادة فقر كل عام مع شهادة التفوق الدراسي للحصول على مجانية التعليم كل عام، ومدى ما كان يشعره من ذل ومهانة، ولعل هذا الشعور هو مادفعه إلى تسجيل أول رسائله الجامعية بعنوان (مبحث في عدم تكافؤ فرص التعليم في مصر) عام 1947 بجامعة لندن ...لذلك أكد الدكتور حامد أن مجانية التعليم هي الأمل الوحيد في انفتاح طاقة العيش الكريم والتقدم .

السيرة الذاتية لشيخ التربويين

جدير بالذكر أن الاستاذ الدكتور حامد عمار حاصل على ليسانس الأداب الممتازة (تاريخ) جامعة القاهرة 1941، ودبلومة التربية – معهد التربية للمعلمين – جامعة القاهرة 1942، وماجيستير فى التاريخ – جامعه القاهرة 1945، ثم دبلوم المعلمين – معهد التربية – جامعة لندن 1947، تليها ماجيستير فى التربية – معهد التربية – جامعه لندن 1949، دكتوراه فى اجتماعيات التربية – معهد التربية – جامعه لندن 1952.

وقد تدرج شيخ التربويين في المهام الوظيفية التي تقلدها حيث تدرج فى وظائف هيئه التدريس بكليه التربية جامعة عين شمس – مدرس – أستاذ مساعد – أستاذ أصول التربية من 1952 – 1975، ثم رئيس قسم التدريب بالمركز الدولي لتنمية المجتمع في العالم العربي بسرس الليان من 1955 حتى 1968، بعدها رئيس قسم الدراسات التربوية: معهد البحوث والدراسات العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من 2003.

وللأستاذ الدكتور حامد عمار العديد من الاسهامات والنشاطات العلمية منها المشاركه فى تأسيس المركز الدولي للتربية الأساسي والذي تحول فيما بعد إلى تنميه المجتمع، ثم محو الأمية وتعليم الكبار منذ عام 1952 حتى 1986، والإسهام في تأسيس معهد الخدمة الإجتماعية بالأردن 1970 – 1971، الإسهام في برامج مكتب اليونيسيف الإقليمي في أبو ظبي من 1972 – 1974، الإسهام في تأسيس مركز التدريب على العمل الإجتماعى بمسقط – سلطنه عمان، الاردن، الإسهام في وثيقة إنشاء الصندوق العربي للعمل الاجتماعي التابع لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب في تونس 1982، الإسهام في تأسيس المجلس القومي للطفولة والأمومة 1988 – 1991، الإسهام فى إنشاء قسم الدراسات التربوية في معهد الدراسات والبحوث العربية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 2001 – 2002.

أصدر عمار كتابه الأول "العمل الميداني في الريف" في 1954 وأتبعه بكتب منها "في اقتصاديات التعليم" 1963 و"أعاصير الشرق الأوسط وتداعياتها السياسية والتربوية" و"في آفاق التربية العربية المعاصرة من رياض الأطفال إلى الجامعة" و"تعليم المستقبل من التسلط إلى التحرر" و"مواجهة العولمة في التعليم والثقافة" و"التنمية البشرية في الوطن العربي".

   
     

إنجازات وإبداعات شيخ التربويين أهلته للحصول على الكثير من الجوائز وأهمها جائزه الدولة التقديرية في العلوم الاقتصادية والاجتماعية للمجلس الأعلى للثقافة 1994، جائزة الكويت للتقدم العلمي – مؤسسة الكويت للتقدم العلمي 1994، جائزة أحسن كتاب في العلوم التربوية في معرض القاهرة الدولي للكتاب، عن كتاب (مواجهة العولمة في التعليم والثقافة)، جائزة أحسن كتاب في العلوم التربوية في معرض القاهرة الدولي للكتاب, ووزارة الثقافة, 2004 عن كتاب (في آفاق التربية العربية المعاصرة من رياض الأطفال إلى الجامعة)، جائزة مبارك في العلوم الاجتماعية مع شهادة وميدالية ذهبية من المجلس الأعلى للثقافة، فاز أيضا بجائزة الدولة التقديرية أرفع الجوائز في مصر آنذاك، كما نال عمار في 2008 جائزة النيل في العلوم الاجتماعية وهي أكبر جائزة في مصر.

وفارق الدكتور عمار الحياة مساء الاثنين 10 ديسمبر 2014م عن عمر ناهز الثالثة والتسعين عامًا تاركا خلفة إرثًا علميا وثقافيًا وفكريًا تذكره الأجيال اللاحقة وتدين له بالكثير.